إختيار المحررالعرض في الرئيسةتحليلات

ليبيا الجديدة .. “الدولة الإسلامية” تتقدم نحو “الهلال النفطي”.. وحلف “الناتو” يستعد للغزو مرة أخرى.. والبلاد كانت بحكومتين وأصبحت بثلاث

يمنات – رأي اليوم

بعد خمس سنوات من التدخل العسكري لحلف “الناتو” اطاح بالنظام الليبي السابق، من المفترض ان تكون ليبيا دولة ديمقراطية مستقرة يعيش مواطنوها حياة باذخة فارهة، فقد تخلصوا من حكم الطاغية، ويملكون كميات هائلة من النفط والغاز، ولكن ما يحدث على الارض مغاير لذلك كليا، فالامان منعدم، والميليشيات المتحاربة تقتسم السيطرة على البلاد، والفوضى الدموية في كل مكان.

في 17 كانون الاول (ديسمبر) الماضي توصلت الاطراف الليبية المتحاربة الى اتفاق في مدينة الصخيرات المغربية، يقضي بتشكيل حكومة وطنية برئاسة السيد فايز السراج، وبعد ساعات معدودة سقط هذا الاتفاق، نتيجة اعتراض الحكومتين والبرلمانيين اللذين يتصارعان على السلطة، وكل ما انجزه الاتفاق المذكور هو اضافة حكومة جديدة شكلية الى الحكومتين الموجودتين في الشرق والغرب.

عندما حذرنا بأن تدخل حلف “الناتو” وطائراته في ليبيا دعما لـ”الثوار” سيؤدي الى تحول البلاد الى دولة فاشلة تسودها فوضى السلاح، واكدنا ان هذه الدولة الفاشلة ستكون البيئة الملائمة لجذب التنظيمات الاسلامية المتطرفة، وخاصة تنظيم “القاعدة”، عارضنا الكثيرون في ذلك الوقت، اعتقادا منهم بأن “الناتو” سيأتي لهم بالدواء الشافي الذي يخلصهم من كل الامراض التي جاءت بسبب الديكتاتورية واعراضها الجانبية، ولكن ما حذرنا منه تحقق ويتكرس كليا على الارض الليبية منذ خمس سنوات، وحتى هذه اللحظة.

التقدم الكبير الذي تحققه “ولاية الدولة الاسلامية” في ليبيا انطلاقا من امارة سرت، وكان آخرها الاستيلاء على بلدة بن جواد، والهجوم على الهلال النفطي ومرافئه في السدرة وراس لانوف، يؤكد ان الوضع في ليبيا يتحول بسرعة الى صورة اخرى لما يجري في سورية والعراق، ان لم يكن اكثر سوءا.

حلف “الناتو” يستعد للعودة الى ليبيا برا وبحرا وجوا في محاولة للقضاء على هذا الخطر الجديد الذي يهدد مصالح بلدانه النفطية والامنية، واكد وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون قبل ايام ان قوات اوروبية وامريكية تعدادها عشرة آلاف جندي من بينها الف جندي من القوات البريطانية الخاصة تستعد للتدخل عسكريا لمواجهة “الدولة الاسلامية” ومنع سيطرتها على آبار النفط.

واكد مسؤول امريكي ان فرق كوماندوز امريكية وبريطانية وصلت بالفعل الى ليبيا من اجل تقييم الاوضاع على الارض، ووضع خطط التدخل العسكري.

التدخل الجوي لحلف “الناتو” في بداية الثورة الليبية نجح في اطاحة النظام والتمثيل بجثة الزعيم الليبي معمر القذافي، بما في ذلك الاعتداء جنسيا بطريقة بشعة على هذا الجثمان، وسط تهليل واحتفالات ورقص “الثوار”، ابتهاجا بهذا الانتهاك الفاضح الذي يتنافى مع كل الاعراف والمواثيق والاديان السماوية، ولكن هذا التدخل لم يحقق الامن والاستقرار، ولا نعتقد ان التدخل الجديد لحلف “الناتو” للمرة الثانية في حال حدوثه سيكون افضل من المرة السابقة، فتنظيم “الدولة الاسلامية” يملك الاسلحة والصواريخ والدروع والرغبة في القتال حتى الموت، والتدخل العسكري الاوروبي الامريكي، سيوفر له الغطاء الشرعي لمقاومة هذا التدخل، ويدفع الكثيرين من الليبيين للانضمام اليه، والقتال تحت رايته، ضد “الناتو” وكل من سيقاتل تحت اجنحة طائراته.

الشعب الليبي يقف الآن امام تدخل عسكري جديد لحلف “الناتو”، ربما يحصد ارواح اعداد اكبر من ابنائه، ويطيل من عمر ازمته لسنوات، وربما لعقود قادمة، ومن المؤلم ان هناك من يصفق لهذا التدخل ويستعجله، دون ان يستوعب دروس وكوارث التدخل الاول.

افتتاحية رأي اليوم

زر الذهاب إلى الأعلى